الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب

الأمم المتحدة: لم يعد بإمكان العالم تجاهل السودان فيما يدخل عامه الثالث من الحرب
نازحون سودانيون- أرشيف

دخلت الحرب في السودان عامها الثالث وسط دعوات أممية عاجلة لتحرك دولي منسق يخفف من المعاناة الإنسانية الهائلة ويمنع انهيارًا إقليميًا وشيكًا، فبعد عامين من القتال، أصبحت البلاد مسرحًا لأكبر أزمة إنسانية ونزوح على مستوى العالم، فيما تتراجع المساعدات الدولية وتُحجب الموارد عن الملايين من السودانيين.

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، في بيان يوم الثلاثاء: "السودان ينزف، شعبه محاصر بالحرب والانتهاكات والجوع، ويتعرض للإهانة في كل زاوية"، وأكد أن العالم الخارجي لم يُبدِ اهتمامًا كافيًا بوقف هذا النزيف، متهمًا المجتمع الدولي باللامبالاة حيال ما يحدث داخل السودان وفي الدول التي استقبلت اللاجئين وفق موقع اخبار الأمم المتحدة.

وأضاف غراندي أن أزمة السودان تهدد استقرار المنطقة بأكملها، مشيرًا إلى أن اللاجئين باتوا يعبرون إلى أوغندا وليبيا، ويغامرون برحلات محفوفة بالأخطار إلى أوروبا بحثًا عن الكرامة والحقوق الأساسية.

شدد المفوض الأممي على ضرورة مضاعفة الجهود لتحقيق السلام في السودان، وتوسيع نطاق الدعم الإنساني والتنموي، قائلًا: "بعد عامين من المعاناة، لم يعد بإمكان العالم تجاهل هذه الكارثة. الاستمرار في تجاهل الوضع ستكون له عواقب وخيمة".

ضحايا صامتون

أكدت آمي بوب، المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، أن الحرب حطمت أحلام الملايين، وأودت بحياة الآلاف، وفرّقت الأسر، ودفعت الاقتصاد إلى حافة الانهيار. ودعت إلى استثمار طويل الأمد يساعد على عودة آمنة للنازحين وتمكين المجتمعات من التعافي.

ورغم عمل المنظمة على تقديم خدمات الإيواء والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية لأربعة ملايين شخص، لم تحصل إلا على 10% من التمويل اللازم لتنفيذ خطتها. وناشدت بوب المجتمع الدولي بسرعة توفير التمويل وتوسيع عمليات الاستجابة.

ورسم رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت، صورة قاتمة لما تعانيه النساء في ظل الحرب، مستشهدًا بروايات مروعة عن العنف الجنسي داخل العاصمة الخرطوم، وقال إن النساء تحدثن علنًا عن تعرضهن للتحرش والاغتصاب أمام أزواجهن وأطفالهن.

أما آنا موتافاتي، المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، فكشفت عن زيادة بنسبة 288% في طلب الدعم المنقذ للحياة بعد الاغتصاب، محذرة من استخدام ممنهج للعنف الجنسي كسلاح حرب، حيث "تحولت أجساد النساء إلى ساحات معارك".

وأشارت إلى أن الناجيات غالبًا ما يمتنعن عن الإبلاغ بسبب الخوف والوصمة، ما يجعل الأرقام لا تعكس حجم الألم الحقيقي. وأوضحت أن النساء في مواقع النزوح المؤقت لا يمتلكن سوى ما يرتدينه، ويعانين من فقدان فرص العمل، في حين يُحرم أطفالهن من التعليم، ما يهدد مستقبل جيل كامل.

قالت موتافاتي إن النساء اللواتي تحملن وطأة الحرب فقدن كل شيء لكنهن لم يفقدن الأمل. وأضافت: "أولاء النساء يردن استعادة بلدهن، وقد سئمن من تكرار المآسي في وطنهن الجميل".

أرقام من الأزمة

أجبر الصراع أكثر من 8.6 مليون شخص على الفرار من منازلهم، ضمن إجمالي 11.3 مليون نازح داخلي، في حين عبر 3.9 مليون آخرين الحدود إلى الدول المجاورة طلبًا للأمان والطعام والمأوى، ويحتاج نحو 30 مليون سوداني، أي ثلثي السكان، إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينهم 16 مليون طفل يواجهون خطر المجاعة والمرض.

اندلع النزاع في السودان في 15 أبريل 2023، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى انهيار المؤسسات، وغياب الأمن، وانزلاق البلاد إلى كارثة إنسانية لم تشهدها من قبل. ومع دخول الحرب عامها الثالث، لا يزال ملايين السودانيين يواجهون الجوع والتشريد والعنف، في ظل صمت دولي يهدد بجعل السودان أزمة منسية أخرى.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية